كتب رانجان سولومون أن النظام النووي العالمي يعيش تناقضاً صارخاً وظلماً مؤسسياً؛ إذ تحتفظ تسع دول فقط بترسانات نووية، بينما يُحرم معظم العالم من امتلاك التقنية ذاتها. معاهدة عدم الانتشار النووي لعام 1968 كرست هذا الوضع، فمنحت الدول الخمس الكبرى حق الاحتفاظ بالسلاح النووي وألزمتها بوعود فضفاضة نحو نزع السلاح، لكنها جرّدت البقية من أي حق مماثل.
أوضح تقرير ميدل إيست مونيتور أن هذا الترتيب يصنع ما يمكن وصفه بـ"الفصل العنصري النووي"، حيث تفرض القوى الكبرى هيمنة غير متوازنة بينما تُعاقب دول أخرى مثل إيران بمجرد التفكير في امتلاك قدرات نووية، رغم أن دولاً مثل إسرائيل أو باكستان والهند طورت ترساناتها بلا محاسبة. هذا التمييز يزرع بذور التوتر ويغذي انعدام الثقة في القانون الدولي.
يشير المقال إلى أن إيران تواجه تهديدات متكررة من الولايات المتحدة وإسرائيل وأوروبا، ما يدفعها للتأكيد على حقها في الدفاع الوقائي بموجب القانون الدولي. المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تعترف بحق الدفاع عن النفس، كما أن سابقة "كارولاين" عام 1837 سمحت بالرد الاستباقي حين يكون الخطر وشيكاً ومهلكاً. لهذا ترى طهران أن برنامجها النووي سلمي لكنه ضروري لحماية أمنها القومي.
انتقد مفكرون غربيون هذا الكيل بمكيالين؛ فقد أشار نعوم تشومسكي إلى أن الغرب يصور برنامج إيران كتهديد مبرر للعقوبات بينما يغض الطرف عن الترسانة الإسرائيلية الضخمة. وفي أغسطس 2025 دفعت القوى الأوروبية بآلية "العودة السريعة للعقوبات" عبر مجلس الأمن، رغم انسحاب واشنطن سابقاً من الاتفاق النووي، ما اعتبرته طهران خطوة غير شرعية. وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أكد أن بلاده سترد بقوة على أي عقوبات غير قانونية تمس سيادتها.
استعرض المقال خلفية تاريخية توضح أن الحرب الباردة أفرزت هرمية نووية مكرسة؛ القوى الكبرى احتفظت بسلاحها، فيما جرى تقييد الآخرين. لكن دولاً مثل الهند وباكستان وإسرائيل طورت قدراتها خارج المعاهدة ولم تتعرض لمحاسبة تذكر. هذا يعكس ازدواجية واضحة في تطبيق القوانين.
على المستوى التقني، أوضح النص أن برنامج إيران يركز على إنتاج الكهرباء والبحوث الطبية، وقد التزمت طهران بالاتفاق النووي لعام 2015 عبر خفض تخصيب اليورانيوم وقبول رقابة وكالة الطاقة الذرية. غير أن انسحاب واشنطن عام 2018 قلب الموازين، وردت إيران بتجاوز بعض القيود بشكل معلن وقابل للتراجع. خبراء قانونيون اعتبروا عودة العقوبات الأخيرة غير شرعية لافتقادها الأساس القانوني.
في المقابل، تواصل إسرائيل احتكارها النووي بترسانة تقدر بما بين 80 إلى 200 رأس نووي، بينما لم توقع على معاهدة عدم الانتشار. هذه المفارقة تخلق دافعاً لإيران وغيرها للسعي إلى توازن ردعي، ومع ذلك يجري تصويرها كالمعتدية. محللون إسرائيليون سابقون اعترفوا بأن هذا الخلل يدفع طهران إلى التفكير في سلاح ردع، فيما يواصل الغرب حماية إسرائيل سياسياً.
سلط المقال الضوء على البعد القانوني والأخلاقي، مشيراً إلى أن تطبيق القانون بشكل انتقائي يقوض شرعية النظام الدولي. فالمادة السادسة من معاهدة عدم الانتشار تُلزم الدول النووية بخطوات جدية لنزع السلاح، لكن ذلك لم يحدث. كما أن ميثاق الأمم المتحدة يحظر استخدام القوة أو التهديد بها، ومع ذلك تُمارَس هذه السياسات ضد إيران.
يحذر الكاتب من أن استمرار هذا "الفصل النووي" سيؤدي إلى زيادة الانتشار النووي بدلاً من الحد منه، لأن الدول ستفقد الثقة في النظام الدولي وستسعى لامتلاك قدرات سرية. في الشرق الأوسط، يعزز هذا النهج التوتر بين إيران وإسرائيل، ويزعزع استقرار الخليج، ويضعف فرص التوصل إلى اتفاقيات جماعية لنزع السلاح.
يدعو المقال إلى نظام أكثر عدلاً يقوم على المساواة، بحيث تشمل الرقابة كل الدول النووية دون استثناء، وتُحترم سيادة الدول الساعية للتكنولوجيا السلمية، ويُعاد الالتزام بخطوات حقيقية نحو نزع السلاح العالمي.
يختم الكاتب بالتأكيد على أن معاقبة إيران وحماية دول أخرى نووية يرسخ الظلم ويفجر الأزمات. العالم بحاجة إلى "عدالة نووية"، حيث يملك كل شعب الحق في استخدام التكنولوجيا السلمية، بينما يُلزَم الجميع بخفض السلاح. وكما صرّح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي: "إيران لن تتنازل عن حقها السيادي في التقنية النووية السلمية. نحن نطالب بالعدل لا بالاستثناء".